"عَلَيْكَ يَا رَبُّ تَوَكَّلْتُ. لاَ تَدَعْنِي أَخْزَى مَدَى الدَّهْرِ. بِعَدْلِكَ نَجِّنِي. لأَنَّ صَخْرَتِي وَمَعْقِلِي أَنْتَ. مِنْ أَجْلِ اسْمِكَ تَهْدِينِي وَتَقُودُنِي. أَخْرِجْنِي مِنَ الشَّبَكَةِ الَّتِي خَبَّأُوهَا لِي لأَنَّكَ أَنْتَ حِصْنِي" (المَزَامير 31: 1, 3-4) . . . . "مَلاَكُ الرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ وَيُنَجِّيهِمْ" (المَزَامير 34: 7)

ألإيمان المسيحي


( أ ) قانون الإيمان
(عودة إلى قائمة المحتويات)

أسس الإيمان المسيحي الأرثوذكسي ملخّصة في ما يعرف بقانون الإيمان النيقي-القسطنطيني (يُدعى عموما قانون الإيمان النيقي) الذي يُتلا في الصلوات الطقسية للكنائس الأرثوذكسية. أصدر المجمع المسكوني الأول (325 ميلادية) قانون الإيمان النيقي. ووسّعه المجمع المسكوني الثاني (381 ميلادية). هذا يعني أنّ الكنيسة العالمية الواحدة في القرن الرابع الميلادي إتفقت بالإجماع على قانون الإيمان هذا كأساس للإيمان المسيحي الصحيح.

قانون الإيمان النيقي

بالحقيقة نؤمن بإله واحد،
ألله الآب، ضابط الكل،
خالق السماء والأرض، ما يُرى وما لا يُرى.

نؤمن برب واحد يسوع المسيح،
إبن الله الوحيد،
المولود من الآبّ قبل كلّ الدهور؛
نور من نور،
إله حق من إله حق،
مولود غير مخلوق،
مساو للآب في الجوهر،
الذي به كان كلّ شئ.
هذا الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا،
نزل من السماء،
وتجسّد من الروح القدس. ومن مريم العذراء تأنس،
وصُلِب عنّا على عهد بيلاطس البنطي.
تألّم وقُبِر وقام من الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب،
وصعد في السموات،
وجلس عن يمين أبيه،
وأيضا يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات،
الذي ليس لملكه إنقضاء.

نعم نؤمن بالروح القدس،
الرب المُحي المنبثق من الآب.
نسجد له ونمجده مع الآب والإبن،
الناطق في الأنبياء.

ونؤمن بكنيسة واحده مقدسة جامعة رسولية.
ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا.
وننتظر قيامة الأموات
وحياة الدهر الآتي. آمين.

(ب) ملخص لأسس الإيمان المسيحي الأرثوذكسي
(عودة إلى قائمة المحتويات)

1. الكتاب المقدس هو حق مُوحى به: "كلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ" (يوحنا 17: b17).

2. الثالوث الأقدس.

3. لاهوت السيد المسيح.

4. ولادة السيد المسيح من عذراء؛
. . حياته البارة بلا خطيئة؛
. . ومعجزاته.

5. ألسيد المسيح مات من أجلنا.

6. القيامة الجسدية للسيد المسيح من الموت، وصعوده إلى السماء.

7. المجيئ الثاني للسيد المسيح في قوّة ومجد لدينونة الأحياء والأموات.
(عودة إلى قائمة المحتويات)

رب المجد أنعم بخلود النفس البشرية. الموت الجسدي هو إنفصال النفس من الجسد. يوضح الكتاب المقدس حالتين للنفس البشرية بعد الموت الجسدي: حالة النفس بعد الموت مباشرة، وحالتها بعد الدينونة العامة النهائية. تحدث دينونة خاصة لكل شخص بعد موته مباشرة؛ تدخل بعدها النفس البشرية بدون جسد حالة متوسّطة: إمّا في نعيم روحي في صحبة مباشرة للمسيح والملائكة والقديسين، أو في عذاب وظلام منفصلة عن الرب. من هذا الحين يتحدد مصير الشخص الأبدي (لوقا 16: 19-31). لكن لا يحصل الشخص على كامل النعمة أو العقاب الأبدي حتى بعد أن تتم الدينونة العامة النهائية.

المجيئ الثاني لربنا يسوع المسيح سيكون في مجد وقوّة (متى 24: 30؛ لوقا 21: 27). ستحدث الدينونة العامة النهائية بعد المجيئ الثاني للمسيح، حيث يدين المسيح الأحياء والأموات بعد قيامهم من الموت (متى 25: 31-46؛ أعمال 10: 42؛ 17: 31؛ رؤيا 22: 12). ستحدث الدينونة العامة النهائية مباشرة بعد قيامة كلّ الموتى (يوحنا 5: 28-29)، حيث تتّحد النفس بجسد القيامة. أولئك الذين ماتوا في المسيح سيحصلون على أجساد روحية لا تفسد (1 كورنثوس 15: 35-50). النعيم الأبدي هو نعيم روحي في حالة أفضل وأعلى من الوجود والحياة مع رب المجد. لن يكون النعيم الأبدي وجودا جسديا حيوانيا شهوانيا مُتركّزا حول شراهة للطعام والشراب، وتعدد زوجات، ومتع حسّية.

8. الكنيسة.
(عودة إلى قائمة المحتويات)

الكنيسة هي جماعة المؤمنين المسيحيين. تتكون من رجال الدين، والرهبان، والشعب العلماني. هي جسد المسيح الذي يشمل المؤمنين من الأحياء والأموات. أولئك المسيحيون الذين رقدوا في المسيح على مدى القرون يُشكّلون الجزء السماوي الغير مرئي الأبدي للكنيسة، الكنيسة المنتصرة المقدسة وكلية الطهر. يُشكّل المسيحيون الأحياء الجزء الأرضي المرئي التاريخي للكنيسة، الكنيسة المجاهدة. الكنيسة الأرضية هي الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى الكنيسة السماوية.

الكنيسة هي كائن إلهي-بشري حي. المسيح هو رأس الكنيسة (أفسس 1: 22-23؛ كولوسي 1: 18) المتّحد، بدون إختلاط، مع المؤمنين الذين يشكلون جسد الكنيسة (1 كورنثوس 12: 12-13). أسّس المسيح الكنيسة بالروح القدس في عيد العنصرة (أعمال 2: 1-4). كما أن الروح القدس لله الحيّ يبني ويُقوي ويُقدّس الكنيسة بشكل مستمر. يحب المسيح الكنيسة (أفسس 5: 25). معمودية يسوع المسيح

يتم الإنضمام للكنيسة لبدء الحياة الجديدة في المسيح عن طريق الولادة الجديدة في المسيح بالمعمودية المقدّسة: "أَجَابَ يَسُوعُ: «ألْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ" (يوحنا 3: 5)؛ "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ" (متى 28: 19). أسس المسيح سر المعمودية كطقس إنضمام الشخص للكنيسة المسيحية. المعمودية مطلوبة لدخول ملكوت السموات. المسيح بنفسه تعمّد من يوحنا المعمدان (متى 3: 13-17) لكي يعطينا مثاله لنتبعه، وليأكد أهمية سر المعمودية في حياتنا الجديدة معه. النفس البشرية التي تعيش بعيدا عن الرب ميتة روحيا. تبدأ القيامة الأولى للشخص بالمعمودية، وبعد ذلك تنمو وتتطوّر وتزدهر بحياة الشركة مع المسيح. يُعتبر الإستشهاد في سبيل الإيمان المسيحي قبل المعمودية مساويا للمعمودية، ويُدعى معمودية الدمّ.

إنّ هدف الكنيسة هو إستمرار العمل الفدائي التقديسي للسيد المسيح بواسطة الروح القدس. إنها تجلب الخطاة الى طريق القداسة. لا يوجد خلاص خارج الكنيسة. لا يمكن لشخص أن يتخذ الرب كأبيه إذا لم يتخذ الكنيسة كأمّه. الكنيسة هي نور العالم وملح الأرض (متى 5: 13-16). إنها أداة الخلاص على الأرض. الكنيسة تقدم خدمة الأسرار المقدسة، كما تقدم نموذجا للحياة الجديدة. إنها تعطي أمثلة لمؤمنين يسيرون بالروح القدس مع المسيح. إنها تشجع وترشد إلى الحياة الجديدة في المسيح، والنمو في التقديس على مثاله.

قد يكون بعض أعضاء الكنيسة المجاهدة غير مخلصين، ولم يتجددوا بنعمة الله (فيلبي 3: 18؛ أعمال 5: 1-11). في الشتاء، تشابه الأشجار الميتة الأشجار الحية. بالمثل، في الكنيسة المجاهدة، ليس من السهل التمييز بين المخلص وغير المخلص. سيتضح هذا ويُعلن في نهاية العصر. مع ذلك، فإن الكنيسة المجاهدة نقية في عقيدتها وأسرارها المقدسة. من خلال دعوتها، وصبرها، وتوبتها، تتقدس الكنيسة المجاهدة.

9. الأسرار السبعة للكنيسة الأرثوذكسية.
(عودة إلى قائمة المحتويات)

تؤمن الكنيسة الأرثذوكسية بسبعة أسرار كنسية مقدسة. ثلاثة منهم لا يتكرّروا هي حياة المؤمن وهم: المعمودية (الميلاد الجديد في المسيح بغسل التجديد)، مسحة زيت الميرون (ختم هدية الروح القدس)، ورسامة الرتب الكهنوتية. الأربعة الباقون قد يتكرّروا: العشاء الرباني (الاتحاد مع المسيح والكنيسة)، التوبة، الزواج، ومسحة المرضى. نشأت الأسرار الكنسية في الكنيسة الأولى.

تُعطى الأسرار المقدّسة بطقوس مرئية، وتمنح نعمة إلهية روحية غير مرئية إلى المؤمن الذي يحصل عليها باستعداد ملائم، وبذلك تعطي حياة من الله في العصر الحالي بدون اختلاط. إنّ الأسرار الكنسية هي إحدى الدروب الرئيسية لعمل نعمة الله لتقديس المؤمنين بالروح القدس. الأسرار الكنسية ليست مجرّد رموز لحقائق روحية. إنهم يعطون، ليس صورة أو رمزا أو تمثيلا، ولكن حقيقة موضوعهم (مثال لذلك: العشاء الرباني المقدس هو مشاركة حقيقية في جسد ودم المسيح المُمجّدين). بوسائط النعمة هذه، يشارك المؤمنون في حياة المسيح؛ وإعتمادهم عليه ليس رمزي، لكن حقيقي وواقعي.

تُعطَى الأسرار المقدّسة بوسائل مرئية تجسّم حقائق روحية في أشكال مادية. يطابق هذا ويوافق طبيعة الإنسان المزدوجة (جسد وروح). في حد ذاته، بالسر المقدس قوة إلهية تمنح النعمة الإلهية. لا تعتمد فعالية السر الكنسي على إيمان وأخلاقيات رجل الدين الذي يؤدّي خدمته، ولا على الشخص الذي يحصل عليه. إنّ السر الكنسي المقدس هو عمل المسيح بقوّة الروح القدس. لكن لكي يكون السر الكنسي فعّالا ومؤثرا بالكامل، لابد أن يستعد ويستجيب له الشخص الذي يشترك فيه بطريقة مناسبة. إتحاد الإنسان مع الله في المسيح يتطلب تعاون بين إثنين ضروريين وغير متساويين: النعمة الإلهية والإرادة البشرية. الأسرار المقدّسة ليست عمليات سحرية أو أوتوماتيكية. كما تُثمر البذرة بحسب الأرض المزروعة فيها وبحسب الإعتناء بهذه الأرض، كذلك التأثير والمنفعة الكاملة للأسرار المقدّسة تعتمد على الوعي الروحي، والإيمان، والتقوى للمؤمن الذي يشترك فيها.

لكي تكون الأسرار الكنسية فعّالة، لابد أن يكون الذين يقومون بها (أساقفة أو كهنة) مرسومين قانونيا في الكنيسة.